تراجع غير مسبوق في أسعار الإيجارات
شهدت كندا انخفاضًا كبيرًا في متوسط أسعار الإيجارات، حيث وصلت إلى أدنى مستوى لها منذ يوليو 2023. يعود هذا التراجع جزئيًا إلى السياسات الحكومية الصارمة التي حدّت من عدد الطلاب الدوليين الوافدين إلى البلاد.
وفقًا لتقارير حديثة صادرة عن موقع Rentals.ca وشركة Urbanation Inc، انخفض متوسط الإيجارات بنسبة 4.8٪ سنويًا، ليصل إلى 2,088 دولارًا كنديًا (حوالي 1,458.50 دولارًا أمريكيًا) في الشهر الماضي. ويُعد هذا الانخفاض الأكبر منذ أبريل 2021 خلال جائحة كوفيد-19.
من جانبها، أكدت منصة Zumper العقارية هذه الاتجاهات، مشيرة إلى انخفاض سنوي بنسبة 2.4٪ في إيجارات الشقق المكونة من غرفة نوم واحدة، حيث بلغ متوسط الإيجار 1,850 دولارًا كنديًا في فبراير.
**تورونتو وفانكوفر تتصدران الانخفاض**
على الرغم من أن تورونتو وفانكوفر لا تزالان من بين أغلى أسواق الإيجارات في كندا، إلا أن كلا المدينتين شهدتا تراجعًا في الأسعار. ويعود ذلك إلى الزيادة الكبيرة في بناء الوحدات السكنية الجديدة، وخاصة الشقق السكنية الفاخرة.
وأظهرت البيانات أن إيجارات الشقق الاستوديو انخفضت بنسبة 5٪ في فانكوفر و6٪ في تورونتو، مع انخفاضات مماثلة في الوحدات السكنية الأكبر حجمًا. ويشكل هذا تحديًا للمستثمرين الذين قاموا بشراء وحدات سكنية قيد الإنشاء، حيث من المتوقع استكمال بناء حوالي 20,000 وحدة جديدة في عام 2025.
**تزايد العرض وتراجع الطلب**
أشار تقرير “آفاق سوق الإسكان لعام 2025” الصادر عن مؤسسة الرهن العقاري والإسكان الكندية إلى أن سياسات الحكومة الفيدرالية، التي تقدم حوافز مالية لتطوير المشاريع السكنية المؤجرة، قد أدت إلى وفرة في المعروض من الوحدات السكنية، متجاوزة الطلب لأول مرة منذ عقود.
في عام 2024، شهد السوق العقاري زيادة بنسبة 4.1٪ في المعروض من الوحدات السكنية، وهي أكبر زيادة منذ 30 عامًا، في حين ارتفعت معدلات الشواغر السكنية إلى 2.2٪، مع توقعات بارتفاعها في المستقبل.
**تأثير انخفاض أعداد الطلاب الدوليين**
ساهمت القيود المفروضة على تأشيرات الطلاب الدوليين في تراجع الإيجارات، إذ انخفض عدد تأشيرات الدراسة الصادرة بنسبة 45٪ بعد أن فرضت الحكومة قيودًا صارمة على أعداد الطلاب المقبولين.
ووفقًا لمايك موفات، المدير التنفيذي للسياسات في معهد Smart Prosperity، فإن انخفاض أعداد الطلاب الدوليين أثر بشكل كبير على سوق الإيجارات، حيث قال: “كل صيف، كانت بعض المدن تستقبل عشرات الآلاف من المستأجرين الجدد، دون زيادة ملحوظة في العرض السكني، مما أدى إلى تضخم الأسعار بشكل غير طبيعي.”
وأضاف أن معدلات الإيجار في المدن الجامعية كانت مرتفعة للغاية، وهو ما دفع الحكومة الفيدرالية إلى اتخاذ إجراءات للحد من تسجيل الطلاب الأجانب.
**المستقبل المتوقع لسوق الإيجارات في كندا**
تتوقع مؤسسة الرهن العقاري والإسكان الكندية أن يستمر ارتفاع معدلات الشواغر السكنية في المدن الكبرى مثل تورونتو وفانكوفر، مما قد يمنع ارتفاع أسعار الإيجارات في المستقبل.
وفي ظل التغيرات الاقتصادية العالمية، خاصة النزاعات التجارية مع الولايات المتحدة، تبقى كندا في موقف اقتصادي غير مستقر، مما قد يؤثر على قرارات المستثمرين والمطورين العقاريين في المستقبل.
يبقى السؤال الأهم: هل ستستمر الحكومة في فرض قيود على تأشيرات الطلاب الدوليين، أم ستعيد النظر في سياساتها لدعم سوق الإيجارات؟ الأيام المقبلة ستكشف عن تأثير هذه الإجراءات على سوق العقارات الكندي.