في السنوات الأخيرة، شهدت الولايات المتحدة تغيرات كبيرة في سياساتها المتعلقة بالهجرة والتعليم العالي، خاصة خلال فترة رئاسة دونالد ترامب. هذه التغيرات أثارت قلق العديد من الطلاب الدوليين الذين كانوا يطمحون للدراسة في الجامعات الأمريكية المرموقة. مع فرض قيود على التأشيرات، وتشديد شروط الهجرة، وأحيانًا خطاب سياسي مثير للجدل، بدأ الطلاب في البحث عن بدائل أكثر أمانًا واستقرارًا. ومن بين هذه البدائل، برزت كندا كوجهة محتملة، بل ومثالية، للعديد منهم. فهل يمكن أن تتحول كندا فعلاً إلى الملاذ الأكاديمي الجديد؟
سياسات ترامب وتأثيرها على الطلاب الدوليين
خلال فترة رئاسته الأولى (2017-2021)، اتخذ ترامب سلسلة من القرارات التي أثرت بشكل مباشر على الطلاب الدوليين. من أبرزها “حظر السفر” الذي شمل عدة دول ذات أغلبية مسلمة، مما منع الطلاب من هذه الدول من دخول الولايات المتحدة. كما تم تشديد إجراءات الحصول على تأشيرة الطالب (F-1)، وزادت حالات الرفض دون مبررات واضحة. بالإضافة إلى ذلك، في عام 2020، أثناء جائحة كوفيد-19، اقترحت إدارة ترامب قاعدة تُلزم الطلاب الدوليين بمغادرة البلاد إذا كانت دراستهم تعتمد على التعلم عن بُعد فقط، مما أثار موجة من القلق والارتباك.
حتى بعد انتهاء ولايته الأولى، عاد ترامب إلى الساحة السياسية في عام 2025، مع وعود بسياسات أكثر صرامة، مما يعيد إحياء مخاوف الطلاب الدوليين. هذا الواقع دفع الكثيرين إلى إعادة تقييم خططهم الأكاديمية والبحث عن وجهات بديلة.
لماذا كندا؟
كندا، بجوارها الجغرافي للولايات المتحدة، تقدم مزيجًا فريدًا من الجودة الأكاديمية والاستقرار السياسي. تشتهر الجامعات الكندية مثل جامعة تورنتو، وجامعة بريتش كولومبيا، وجامعة ماكجيل بمعاييرها العالية وترتيبها المرموق عالميًا. لكن ما يجعل كندا جذابة بشكل خاص هو سياستها الودودة تجاه الطلاب الدوليين. فالحكومة الكندية توفر تأشيرات دراسة مرنة، وبرامج هجرة مثل “الإقامة الدائمة” بعد التخرج، مما يتيح للطلاب بناء مستقبل مهني في البلاد.
علاوة على ذلك، تتميز كندا بمجتمع متعدد الثقافات يرحب بالتنوع، بعكس التوترات التي شهدتها الولايات المتحدة في بعض الأحيان خلال فترة ترامب. هذا الشعور بالأمان والانتماء يشكل عامل جذب كبير للطلاب الذين شعروا بالتهميش أو القلق من السياسات الأمريكية.
التحديات المحتملة
رغم هذه المزايا، فإن كندا ليست خالية من التحديات. تكاليف الدراسة والمعيشة في كندا مرتفعة نسبيًا، وقد تكون باهظة مقارنة ببعض الولايات الأمريكية. كما أن المناخ البارد في معظم المناطق قد يكون عائقًا للطلاب القادمين من دول ذات طقس دافئ. أضف إلى ذلك أن السوق الأكاديمي والمهني في كندا أصغر من نظيره الأمريكي، مما قد يحد من الفرص لبعض التخصصات.
الخلاصة
في ظل سياسات ترامب التي أثارت الجدل وقللت من جاذبية الولايات المتحدة كوجهة دراسية، تبرز كندا كبديل قوي ومثالي للطلاب الدوليين. بفضل نظامها التعليمي المتميز، وسياساتها المنفتحة، ومجتمعها المرحب، يمكن أن تصبح كندا الخيار الأول لمن يبحثون عن تعليم عالي الجودة في بيئة مستقرة. ومع ذلك، يبقى القرار النهائي مرهونًا باحتياجات الطالب الفردية وأولوياته. فهل ستتجاوز كندا الولايات المتحدة في استقطاب الطلاب؟ الوقت وحده كفيل بالإجابة.